يُعد هذا الإبريق نموذجاً رائعاً لفن صناعة الأواني المعدنية الزخرفية، من أواخر القرن الثاني عشر إلى أوائل القرن الثالث عشر، وهي الفترة التي أصبحت فيها كل من مدينة هراة في أفغانستان الحالية ومقاطعة خراسان المجاورة مراكز الإنتاج الرئيسية لهذه الأواني. صُنع هذا الإبريق من لوح واحد من النحاس المطروق، ثمّ أضيف إليه المقبض المنصهر فيما بعد. وقد تطوّر فن الترصيع بالفضة - الذي كان قليل الاستخدام في بداية العصر الإسلامي - بين 1140 و 1220. تتكون البطانة الداخلية - المقسَّمة إلى رسومات منتظمة - من زخارف تصويرية ونقوش لكتابات بالخط الكوفي المتشابك والنصوص الحيوية ذات الأحرف المتصلة. أمّا الدوائر الفلكية - المرتبطة بالكوكب المهيمن - فقد رسمت على كل وجه من الأوجه الاثني عشر.
وفي القرن الثاني عشر، أدى الاهتمام المتزايد ب "علم أحكام النجوم" (علم الفلك) إلى ظهور الأشكال الرمزية الفلكية في فن صناعة المعادن، كما يتضح من هذه القطعة النفيسة المعروضة هنا. ظهرت أول القطع المعدنية المزيّنة بزخارف فلكية في القرن الثاني عشر في منطقةٍ تمتد من الجزيرة الفراتية (شمال سوريا والعراق وجنوب شرق الأناضول) إلى مقاطعة خراسان. وقد ظهرت هذه الزخارف لاحقًا في وقت متأخّر من القرن الثالث عشر والرابع عشر على التحف المصنوعة في سوريا ومصر.
يمكننا انطلاقاً من يسار المقبض التعرف على برج الحَمَل ممثلاً بكوكب المريخ - الكوكب المحارب - الذي يظهر بسماته المعروفة المتمثلة في السيف والرأس المقطوع. أما برج الثور فيجسده كوكب الزهرة عازفا على العود. ويقف برج الجوزاء حول ساق تحمل في أعلاها وأسفلها رؤوس وحوش. ويأتي بعد ذلك برج السرطان المتمثل في شكل سلطعون ترسم كلاباه شكل قلب. يلي ذلك برج الأسد رمز الشمس منذ القدم. وتصوّر العذراء حاملة سنابل القمح في يديها. ويظهر كوكب الزهرة المقيم في برج الميزان مرسوما على شكل طبقين، ويشهر برج العقرب عقاربه. ويتمثل برج القوس في شكل قنطور يحمل قوسًا وسهمً، ويمثّل برج الجدي على هيئة وعل يركبه كوكب زحل - عجوز ملتح - يمسك بأحد الأدوات. ويظهر برج الدلو وهو يسقي الأرض من مياه بئر مبنية بالطوب. وفي قاعدة مقبض الإبريق يظهر المشتري متمثلا في صورة إنسان - متشابك الرجلين - ويمسك بسمكة في كلتا يديه.
