غالبا ما ارتبط الأسد بالسلطة الإمبراطورية باعتباره حارسا للعرش أو للمعبد أو للضريح، وهو يعد من ثم أحد الرموز الأكثر انتشارًا في العالم للشجاعة والعظمة والقوة والسلطة. يعتبر أسد ماري تشا المعروف باسم صاحبه السابق، فريدا من نوعه من حيث الحجم والوظيفة، كما يعدّ أحد أعمال الفن الإسلامي الأكثر أهمية في منطقة المتوسط في القرون الوسطى. وإذ يقف على مفرق الطرق بين الشرق والغرب، فإنه يُنسب بصفة عامة إلى إسبانيا الإسلامية، غير أنه قد يكون عملا من أعمال أحد الفنانين الجوالين الراجعين إلى المجال الإسلامي والعاملين في إيطاليا الخاضعة للحكم النورماندي. وقد أكد تحليل المعادن في هذا التمثال - المنحوت من البرونز المصبوب من قطعة واحدة باستخدام تقنية السبك بالشمع المفقود - أن النحاس المستخدم في صُنعه قد وصل من منجم قبرصي كان يعرفه قديما الجغرافيون والحرفيون العرب. ويعدّ تمثال الحيوان الخرافي الأندلسي في مدينة بيزا، التمثال الحيواني الوحيد الذي يشبهه. فطرازه البالغ التنميق والمعقود بالنقوش العربية، يعبرّ عن مدى جاذبية الفنون الإسلامية وعن الدور الخاص الذي لعبته في البحر المتوسط بين صقلية وشمال أفريقيا وإسبانيا في أواخر القرن الحادي عشر وبدايات القرن الثاني عشر، وهي إحدى الفترات الأكثر إبداعًا في تاريخها. وقد أثارت وظيفة هذا التمثال الضخم العديد من الفرضيات المختلفة. فالثقب الأنبوبي في الفم والفتحة الموجودة تحت البطن والجسم المجوّف، قد جعلت البعض يشبهه بفم نافورة تشبه تلك الموجودة في مدينة الزهراء أو قصر الحمراء، أو بمبخرة ضخمة كتلك الموجودة في مقاطعة خراسان الإيرانية. إلا أنّ نظرية أحدث اعتمدت على تركيبة التمثال الداخلية تذهب إلى أنّ الأسد كان نوعًا من الألعاب الميكانيكية المصمّمة لإصدار الأصوات، فجسمه المجوّف بمثابة صندوق صدى، والهواء الذي يخرج من قصبة متصلة بفمه يُصدر صوتا يشبه زئير الوحوش البرية. وقد تأكد وجود آلات مشابهة منذ العصر البيزنطي، عندما كانت الساحات ممتلئة "بألعاب" ميكانيكية وأشجار "مغنية" من الفضة وعليها طيور "تغرد" أو حيوانات تزأر بحسب نظام هوائي. وقد وصفت نصوص المؤرخون العرب انبهار العلماء العرب بهذه الأجهزة الآلية. وفي القرن الثالث عشر قام الجزري - وهو من أشهر العلماء - بوضع رسوم توضيحية تصف مدى تعقيد الساعات الرملية وغيرها من الآلات المائية أو الهوائية، التي كانت مصدر إلهام لاختراع آلات أكثر تطوّرًا في عصر النهضة الأوروبية مثل آلات ليوناردو دافينشي.