عاش بول كليه (1879-1940) تجربة "وحي الألوان" في تونس عام 1914. ففي عام 1938 وفي أثناء مروره بفترة كئيبة سوداوية بسبب مرضه ومنفاه في سويسرا، طفت ذكرياته المشرقة من هذه الرحلة على سطح لوحته "نعيم الشرق" التي تأثّر فيها بأعمال هنري ماتيس وروبرت ديلوناي وفاسيلي كاندينسكي، وأيضا برحلته إلى مصر. تذكّر شبكة المربعات الملونة الخالية من المنظور بشكل سجادة أو فسيفساء أو مدينة، وتتباين مع العناصر التصويرية، بما في ذلك شكل إنسان وبعض أشجار النخيل، وربما أيضا "تميمة النظر"، أي تميمة العين الزرقاء التونسية التي توفر الحماية من عيون الحاسدين الشريرة. وعلى غرار نوتات الموسيقى أو الحروف المستوحاة من خطّ النسخ العربي، تفتح هذه العناصر المجال أمام لغة جديدة كليا وشاعرية.